

مدريد محرفة من مرج ريد العربية ـ مكتبة جامعتها تضم سبعمائة ألف مجلد طقس مدريد يميل إلى البرودة معركة غرناطة في لوحة رائعة بالأسكوريال مخطوطات الأسكوريال العربية.
ورد في أول ذكر لمدريد في المراجع العربية باسم مجريط في القرن العاشر الميلادي كحصن عربي استولى عليه عام 1083م الفونس السادس ملك قشتالة.
ويقال أنها محرفة من مرج ريد أو دريد، والأرجح أنه ريد، ورغم أن التأثير العربي في مدريد أقل من المدن والمناطق الواقعة إلى جنوبها، والمعروفة بالأندلس إلا أنه ملحوظ بوضوح وهذا شيء طبيعي لأن الحكم العربي شكل كل شبه الجزيرة الإيبرية، ولكن مدريد التي كانت خلال حكم العرب مجرد حصن تبدو مهمته في صد هجمات غلاة النصارة الذين اعتصموا بعد الفتح بالجبال، والأماكن النائية، ويظهر أن العرب لم يرقهم جو المكان لبرودة الجو، فاكتفوا بجعله حصناً حصيناً لإستراتيجيته الحربية، لأن من المعروف أن مدريد تقع في وسط أسبانيا تقريباً، ولم تكن قد قامت وتأسست قبل دخولهم، وكذلك لا يستبعد من أن الحصن كان لمراقبة التمرد والعصيان والحركات التي يقوم بها أصحاب المطامع من لاة رؤوساء قبائل ــ سيما في عهد الولاة، حيث كانت حكومة الخلافة المركزية في دمشق بعيدة أو أثناء تولي الداخل شؤون إسبانيا، حيث قامت في وجهه حركات التمرد، والنزاعات الإستقلالية والمطامع الشخصية في الانفصال.
هذا وقد اكتسبت مدريد عراقة وأهمية لكونها أصبحت عاصمة لإسبانيا .. منذ (1561م) وهذه مدة طويلة أعطيتها شهرة عالمية، وشهدت أحداثاً كبير غيرة أوضاع إسبانيا، وقد تأرجحت بين صعود وهبوط خلالها، ففي عهد فيليب الثاني وأثناء التفوق الإسباني العسكري الذي لم يلبث طويلاً الإسبان متمتعين به، قلت أهمية مدريد وكان نصيبها من التطور بطيئاً، ولكنها سرعان ما انتعشت عندما تولى حكمها ((آل بربون)) والذي يعتبر ملك إسبانيا الحالي (خوان كارلوس) أحد أفرادها وهذه الأسرة من أعرق أسر أوروبا الملكية، فقد حكم ملوك منهم فرنسا وإسبانيا والنمسا وصقلية. والأساس الذي انبعث منه عظمتهم من فرنسا التي حكموها منذ سنة 1589م إلى 1830م عدا الفترة الواقعة بين 1791ـــ 1814م وهي الفترة التي قامت أثناءها الثورة الفرنسية الكبرى وإمبراطورية نابليون ... وقد تولى فرع من هذه الأسرة إسبانيا منذ( 1700م) وكان أول ملوك هذا الفرع (فيليب الخامس).
والواقع أن الأسرة الأوروبية الملكية تتمتع باحترام الشعوب الأوروبية جميعها وهذه الشعوب لا تفرق بين أسرة وأسرة إلا بمقدار ما تقدمه من خامات للبلدان التي يحكونها وإلا حكمت أسرة ((آل هانوفر)) ألالمانية الأصل الجزر البريطانية حتى الآن ولما تزوج الأمير فيليب اليزابيث ملكة بريطانيا الحالية لمجرد أنه من أسرة يونانية أو الميزات الأرستقراطية سو لقبه الملكي القديم. فلم يمانع أحد من زواج الأميرة اليزابيث الملكة حالياً منه.
ومن أهم الأحداث التي شهدتها مدريد الإنتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي (1808) وقد خلدت بلوحتين شهيرتين من عمل الفنان الإسباني الشهير (جوبا) وقد لعبت المدينة دوراً فعالاً خلال الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي (1936 ـــ 1939) واستطاعت أن تتحمل حصاراً شديداً استغرق ما يقرب من الشهر ضربه حولها (فرانكو) الذي حارب الثوار في هذه الحرب، واستطاع أن يحقق انتصارات جعلته على رأس الثورة التي انتهت بطرد الفوضويين و الشيوعيين، بعد دخول مدريد في مارس من عام 1939م وقد تولى بعد انتهاء الحرب الأهلية رئاسة الحكومة ومن ثم أصبح وصيا على العرش مدى الحياة للدولة،وأعاد إسبانيا إلى الملكية بموجب قانون من ضبط البلاد حل الأحزاب، وبمهارة تمكن من إبعاد بلاده عن ويلات الحرب العالمية الثانية، بالرغم من إغراءات هتلر ومحاولات موسوليني، والغربيون يكرهونه كرها شديداً لدكتاتوريته، كما يزعمون ولكنهم يحصون السيئات ويتناسون الحسنات،لأن فرانكو وإن سبب حكمه حجراً فكرياً جعل كثيراً من الكتاب والفنانين يلجأون إلى دول أخرى فقد حفظ إسبانيا من شرور حرب كبرى وصانها من عيش الفوضويين وأبعدها عن مطامع الشيوعيين وطموحاتهم وعمل جاهداً على استقرار ويثبيت الأمن فيها، فنمت نمواً كبيراً أثناء حكمه.
وهكذا ظلمت مدريد منذ تأسيسها عاصمة في القرن السادس عشر حتى الثامن عشر تتأرجح بين تقدم سريع وتقدم بطيء ولكنها مضت في طريق التقدم السريع من القرن الثامن وصارت بحكم موقعها مركزاً للمواصلات هاماً ولكونها عاصمة فإنها كثيفة السكان لحدما ولا ينافسها بإزدها في كل إسبانيا إلا برشلونه ثاني المدن الإسبانية سياسياً. وأكثرها أهمية على الإطلاق اقتصادياً.
أما عدد سكان مدريد فيقتربون من ثلاثة ملايين، وكالعواصم دائماً في كل مكان من العالم فأغلبهم هاجر إليها من الريف والمدن، بالإضافة إلى أنها دائماً تعج بالناس من غير ساكنيها من شتى أرجاء إسبانيا، ومن مختلف الألوان والأجناس من جميع أنحاء العالم كزوار سميين وأصحاب حاجات وأعمال وعابرين وسياح.
وهي تحتل هضبة شاسعة ويمدها أحد روافد نهر أسمه ناجه بالماء وتمتاز بكبرها واتساع شوارعها، وفساحة ميادينها حدائقها، وفنادقها الفاخرة والكثرة وجسورها شكلين الأول: يمثل أبا عبدالله آخر سلاطين بني الأحمر، وحكام العرب المسلمين في أسبانيا ويمثله واقفاً بثله من فرسانه بحصانه على سفح جبل الريحان يتأهب لتقديم مفاتيح مدينته الغالية إلى فرديناند والشكل الثاني تبدو لك فيه حين ترى اللوحة المعركة وكأنك في قلبها فتحسن بها وفق لا تنقل لك جو المعركة كما تنقلك إليه هذه اللوحة البديعة فالمعركة كأن تخيل الفنان لها نابعاً من ذاته الشفافة وعقله المفكر بنبوغ، فجاء عمله تحفه فنية نادرة فالدماء كأنها تسيل والغبار يتصاعد، والفرسان بين فار وصامد وجريح وقتيل والخيل في إقبال وإدبار والناس في ذعر وأطمئان فشتعر كعربي بحزن يفطر قبلك وهذا ما شعرت به. ولا أدري ما هو شعور الأجنبي عندما يشاهد اللوحة فقد يشعر بالفخر ولكن يبدوا أن هذا شعور من لا يعرف عن العرش شيئاً أو يعاديهم ؟ أما الذي يعرفهم ويتحلى بالموضوعية فحتما سيتأثر لما لهم من مناقب على الإنسانية ولما خلفوه من مآثر عظيمة وقاموا به من أفعال حميدة وبطولات خارقة وسخاء منقطع النظر.
الحق أن اللوحة عمل رائع بريشة فنان إسباني بارع لم أحفظ أسمه وبغض النظر عن اتجاهاته التي يصورها عمله الفني، فلا يملك الإنسان حيالها إلا أن يبدي إعجابه وأنه غير ملوم كإسباني جسد انتصارات أمته على قوم مزقوا أنفسهم قبل أن يمزقهم أعداؤهم.
ومن معالم الأسكوريال الشهيرة المكتبة التي تعد من أغنى وأقدم وأعرق المكتبات في العالم كله، والتي نسمع ويقال إنها تحوي كثيراً من مخطوطات التراث العربي النادرة والفريدة من نوعها،غير أن زيارتنا صدف أن كانت في يوم أحد، ويظهر أن المكتبة في هذا اليوم وهو يوم إجازة رسمية كانت مقفلة فلم تتأت لنا الفرصة لزيارتها كما أن الأدلاء لم يكونوا متواجدين مما تيقنا معه من أنهم في يوم راحتهم الأسبوعية وذلك اتضح لنا من خلال قيام المشرف على الرحلة بدور الدليل بلغته الركيكة ومعلوماته المبتورة وقنعنا من مشاهدة بعض العالم، فأغلب الأبواب كانت مغلقة وأكثر المكلفين بفتحها كانوا غائبين، فكانت خدعة إما لجهل الفندق الذي تولى ترتيب الرحلة وإما عملية استغلال مقصورة من المكتب السياحي بالانفاق على الفندق.
ولوم لم يكن موعد سفرنا من الغد لعدنا في يوم أخر فالمسافة بين مدريد والاسكوريال لا تزيد عن النصف ساعة، وبالإضافة إلى ما سلف فقد شاهدنا في قصر الاسكوريال أثاثاً فاخراً من القرون السابق، قد عزل بينه وبين الزوار بحواجز ومنع لمسه الجلوس عليه، وظهر التنبيه على يافطات كتيب بخطوط واضحة وبعدة لغات.
وبعد:
ودعنا إسبانيا ونحن نردد مع الشاعر أحزانه عليها كتبت لي يا غالية كتبت تسألين عن إسبانية عن طارق يفتح باسم الله دنيا ثانية عن عقبة بن نافع يزرع شتل نخله في قلب كل رابية سألت عن أمية سألت عن أميرها معاوية عن السرايا الزاهية.
تحمل من دمشق في ركبها حضارة عافية تركناها وقد بقي ت بلدان ومدن عديدة لم تزرها حل بها العرب فملأها عز وعدلاً فزهت بحلل المجد وثياب الفخار. مثل طليطلة المدنية التاريخية العريقة التي كانت عاصمة للقوط وأتخذها والي الخليفة الأموي مقرا له ، وبعد أن تولى عبدالعزيز بن نصير الأمر أنتقل إلى أشبيليه إلى أن ظهرت قرطبة فسادت حيث صارت إبان خلافة الناصر زينة ممالك الدنيا... ولم يبق سوى غرناطة التي مزقها شقاق حكامها وضعف أبي عبدالله وتقلب أهلها.
ودعنا إسبانيا ممتلئين فخراً بمآثر قومنا فيها... ومتألمين من تفرقهم الذي أفقدهم بلداً رائعا كان قد استعرب وأحب أهله الإسلام وفي الوقت نفسه مشاركين إسبانيا الحديثة معاناتها طويلاً بسبب سياستها المتعصبين الذين تسلموها من العرب، مما جعلها تبتعد عن مركز الصدارة في القارة الأوروبية والذي سوف تحتله حتما لو رعى هؤلاء المعارف العربية وحافظوا على التراث الإسلامي.
مقنطفات من مقال الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي حول موضوعات الكتاب.
كان الرئيس اليمني الراحل إبراهيم محمد الحمدي قد بعث برسالة لمجلة اليمامة أثناء نشر محتويات هذا الكتاب فيها أعرب بها فخامته رحمة الله إعجابه بأحدي الحلقات التي طالعها تحت العنوان الذي سبق ونشرت تحته هذه الصور العربية من إسبانيا التي يتضمنها الكتاب وهو الفردوس المفقود". هذا ويسرنا أن نقتطف فيما يلي بعضا مما جاء برسالة سياسته تغمده الله برحمته.
لقد وقعت بين يدي ((مجلة اليمامة) وانتهزتها لقراءتها وقد استرعى انتباهي بالأخص مقال الأخ عبدالله محمد الشهيل " الفردوس المفقود" وليس الذي بعث في الإعجاب قوة المقال ودقة التصوير الفني، والصحفي وأسلوب عرض الأحداث التاريخية لأمجادنا نحن العرب، بل وطرقة الموضوع الذي لم يسبق لي أن قرأته في صحيفة أو مجلة أخرى.
تذكرت أثناء وبعد قراءة المقال كل معلوماتي وكل ما أعرفه عن الأندلس تاريخاً ، وأبطالاً وفتحاً تذكرت موسى بن نصير وهو يضع الخطة وطارق بن زياد وهو بعد أن تسلم الخطة من قائدة، يعد العدة ويمضي في التنفيذ وعبد الرحمن الغافقي كل الأبطال من حوله بعد أن تم الفتح ونعم أبناء الأندلس بالحرية والعدل والأمن.
وتصورت عبد الرحمن بن معاوية بن هاشم بن عبدالملك، ذلك البطل الداخل الذي تعجز الأقلام عن سرد قصته إلا قلماً في سواد هوى لم يفمدس
على حد تعبير أمير الشعراء شوقي رحمه الله.
تذكرت أثناء وبعد قراءتي المقال كل شيء عن الأندلس، بل عن قصة فتح المغرب العربي أولاً بقيادة عقبة بن نافع رضي الله عنه وفتح الأندلس بعد ذلك وذكرت كيف تطورت الحضارة وأزدهرت المعرفة وكيف نبغ ابن رشد وأبن حزم وكيف تفتحت أكمام الحضارة العربية في تلك الأرض عن عباقرة وفنانين ومبدعين.
وتصورت المنصور بن أبي عامر وهو يجاهد في سبيل الله رد كيد العدو وإفشال خططه لتمزيق الصف العربي الإسلامي في تلك الأرض وغيره ممن حذو حذوه. أجل ذكرت كل شيء علن ملوك الطوائف وعن ضياع العروبة والإسلام في ذلك الصقع الذي لم يصل إليه العرب والمسلمون المؤمنون لا عادة كلمة الحق لا بتضحيات جسيمة، وكيف أمكن للملكة إيزابيلا وزوجها في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي أن تتخلص من العرب نهائياً وتتسلم الحكم في أسبانيا.
أن العبرة من هذا المقال الذي كتبه الأخ عبد الله محمد الشهيل ليست فقط في الآثار الحضارية التي خلفها العرب في أسبانيا، ولا في ما يقوله الأسبان أدلاء السياحة عن العرب إيجابا وسلبا، وإنما هي في الحقيقة في أن العرب المسلمين في الأندلس تفرقوا وتمزقوا وتآمر بعضهم على بعض واستعان البعض منهم على البعض الآخر بالعدو، فسهل بعد ذلك للعدو أن يجليهم وينهي وجودهم وحضارتهم، نفس الأسلوب الذي يتبعه اعداء العروبة والإسلام اليوم لتفريق جمع الأمة العربية وتمزيقها.
مقدم/ إبراهيم محمد الحمدي
رئيس مجلس القيادة والقائد العام
للقوات المسلحة في الجمهورية العربية اليمنية
ورد في أول ذكر لمدريد في المراجع العربية باسم مجريط في القرن العاشر الميلادي كحصن عربي استولى عليه عام 1083م الفونس السادس ملك قشتالة.
ويقال أنها محرفة من مرج ريد أو دريد، والأرجح أنه ريد، ورغم أن التأثير العربي في مدريد أقل من المدن والمناطق الواقعة إلى جنوبها، والمعروفة بالأندلس إلا أنه ملحوظ بوضوح وهذا شيء طبيعي لأن الحكم العربي شكل كل شبه الجزيرة الإيبرية، ولكن مدريد التي كانت خلال حكم العرب مجرد حصن تبدو مهمته في صد هجمات غلاة النصارة الذين اعتصموا بعد الفتح بالجبال، والأماكن النائية، ويظهر أن العرب لم يرقهم جو المكان لبرودة الجو، فاكتفوا بجعله حصناً حصيناً لإستراتيجيته الحربية، لأن من المعروف أن مدريد تقع في وسط أسبانيا تقريباً، ولم تكن قد قامت وتأسست قبل دخولهم، وكذلك لا يستبعد من أن الحصن كان لمراقبة التمرد والعصيان والحركات التي يقوم بها أصحاب المطامع من لاة رؤوساء قبائل ــ سيما في عهد الولاة، حيث كانت حكومة الخلافة المركزية في دمشق بعيدة أو أثناء تولي الداخل شؤون إسبانيا، حيث قامت في وجهه حركات التمرد، والنزاعات الإستقلالية والمطامع الشخصية في الانفصال.
هذا وقد اكتسبت مدريد عراقة وأهمية لكونها أصبحت عاصمة لإسبانيا .. منذ (1561م) وهذه مدة طويلة أعطيتها شهرة عالمية، وشهدت أحداثاً كبير غيرة أوضاع إسبانيا، وقد تأرجحت بين صعود وهبوط خلالها، ففي عهد فيليب الثاني وأثناء التفوق الإسباني العسكري الذي لم يلبث طويلاً الإسبان متمتعين به، قلت أهمية مدريد وكان نصيبها من التطور بطيئاً، ولكنها سرعان ما انتعشت عندما تولى حكمها ((آل بربون)) والذي يعتبر ملك إسبانيا الحالي (خوان كارلوس) أحد أفرادها وهذه الأسرة من أعرق أسر أوروبا الملكية، فقد حكم ملوك منهم فرنسا وإسبانيا والنمسا وصقلية. والأساس الذي انبعث منه عظمتهم من فرنسا التي حكموها منذ سنة 1589م إلى 1830م عدا الفترة الواقعة بين 1791ـــ 1814م وهي الفترة التي قامت أثناءها الثورة الفرنسية الكبرى وإمبراطورية نابليون ... وقد تولى فرع من هذه الأسرة إسبانيا منذ( 1700م) وكان أول ملوك هذا الفرع (فيليب الخامس).
والواقع أن الأسرة الأوروبية الملكية تتمتع باحترام الشعوب الأوروبية جميعها وهذه الشعوب لا تفرق بين أسرة وأسرة إلا بمقدار ما تقدمه من خامات للبلدان التي يحكونها وإلا حكمت أسرة ((آل هانوفر)) ألالمانية الأصل الجزر البريطانية حتى الآن ولما تزوج الأمير فيليب اليزابيث ملكة بريطانيا الحالية لمجرد أنه من أسرة يونانية أو الميزات الأرستقراطية سو لقبه الملكي القديم. فلم يمانع أحد من زواج الأميرة اليزابيث الملكة حالياً منه.
ومن أهم الأحداث التي شهدتها مدريد الإنتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي (1808) وقد خلدت بلوحتين شهيرتين من عمل الفنان الإسباني الشهير (جوبا) وقد لعبت المدينة دوراً فعالاً خلال الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي (1936 ـــ 1939) واستطاعت أن تتحمل حصاراً شديداً استغرق ما يقرب من الشهر ضربه حولها (فرانكو) الذي حارب الثوار في هذه الحرب، واستطاع أن يحقق انتصارات جعلته على رأس الثورة التي انتهت بطرد الفوضويين و الشيوعيين، بعد دخول مدريد في مارس من عام 1939م وقد تولى بعد انتهاء الحرب الأهلية رئاسة الحكومة ومن ثم أصبح وصيا على العرش مدى الحياة للدولة،وأعاد إسبانيا إلى الملكية بموجب قانون من ضبط البلاد حل الأحزاب، وبمهارة تمكن من إبعاد بلاده عن ويلات الحرب العالمية الثانية، بالرغم من إغراءات هتلر ومحاولات موسوليني، والغربيون يكرهونه كرها شديداً لدكتاتوريته، كما يزعمون ولكنهم يحصون السيئات ويتناسون الحسنات،لأن فرانكو وإن سبب حكمه حجراً فكرياً جعل كثيراً من الكتاب والفنانين يلجأون إلى دول أخرى فقد حفظ إسبانيا من شرور حرب كبرى وصانها من عيش الفوضويين وأبعدها عن مطامع الشيوعيين وطموحاتهم وعمل جاهداً على استقرار ويثبيت الأمن فيها، فنمت نمواً كبيراً أثناء حكمه.
وهكذا ظلمت مدريد منذ تأسيسها عاصمة في القرن السادس عشر حتى الثامن عشر تتأرجح بين تقدم سريع وتقدم بطيء ولكنها مضت في طريق التقدم السريع من القرن الثامن وصارت بحكم موقعها مركزاً للمواصلات هاماً ولكونها عاصمة فإنها كثيفة السكان لحدما ولا ينافسها بإزدها في كل إسبانيا إلا برشلونه ثاني المدن الإسبانية سياسياً. وأكثرها أهمية على الإطلاق اقتصادياً.
أما عدد سكان مدريد فيقتربون من ثلاثة ملايين، وكالعواصم دائماً في كل مكان من العالم فأغلبهم هاجر إليها من الريف والمدن، بالإضافة إلى أنها دائماً تعج بالناس من غير ساكنيها من شتى أرجاء إسبانيا، ومن مختلف الألوان والأجناس من جميع أنحاء العالم كزوار سميين وأصحاب حاجات وأعمال وعابرين وسياح.
وهي تحتل هضبة شاسعة ويمدها أحد روافد نهر أسمه ناجه بالماء وتمتاز بكبرها واتساع شوارعها، وفساحة ميادينها حدائقها، وفنادقها الفاخرة والكثرة وجسورها شكلين الأول: يمثل أبا عبدالله آخر سلاطين بني الأحمر، وحكام العرب المسلمين في أسبانيا ويمثله واقفاً بثله من فرسانه بحصانه على سفح جبل الريحان يتأهب لتقديم مفاتيح مدينته الغالية إلى فرديناند والشكل الثاني تبدو لك فيه حين ترى اللوحة المعركة وكأنك في قلبها فتحسن بها وفق لا تنقل لك جو المعركة كما تنقلك إليه هذه اللوحة البديعة فالمعركة كأن تخيل الفنان لها نابعاً من ذاته الشفافة وعقله المفكر بنبوغ، فجاء عمله تحفه فنية نادرة فالدماء كأنها تسيل والغبار يتصاعد، والفرسان بين فار وصامد وجريح وقتيل والخيل في إقبال وإدبار والناس في ذعر وأطمئان فشتعر كعربي بحزن يفطر قبلك وهذا ما شعرت به. ولا أدري ما هو شعور الأجنبي عندما يشاهد اللوحة فقد يشعر بالفخر ولكن يبدوا أن هذا شعور من لا يعرف عن العرش شيئاً أو يعاديهم ؟ أما الذي يعرفهم ويتحلى بالموضوعية فحتما سيتأثر لما لهم من مناقب على الإنسانية ولما خلفوه من مآثر عظيمة وقاموا به من أفعال حميدة وبطولات خارقة وسخاء منقطع النظر.
الحق أن اللوحة عمل رائع بريشة فنان إسباني بارع لم أحفظ أسمه وبغض النظر عن اتجاهاته التي يصورها عمله الفني، فلا يملك الإنسان حيالها إلا أن يبدي إعجابه وأنه غير ملوم كإسباني جسد انتصارات أمته على قوم مزقوا أنفسهم قبل أن يمزقهم أعداؤهم.
ومن معالم الأسكوريال الشهيرة المكتبة التي تعد من أغنى وأقدم وأعرق المكتبات في العالم كله، والتي نسمع ويقال إنها تحوي كثيراً من مخطوطات التراث العربي النادرة والفريدة من نوعها،غير أن زيارتنا صدف أن كانت في يوم أحد، ويظهر أن المكتبة في هذا اليوم وهو يوم إجازة رسمية كانت مقفلة فلم تتأت لنا الفرصة لزيارتها كما أن الأدلاء لم يكونوا متواجدين مما تيقنا معه من أنهم في يوم راحتهم الأسبوعية وذلك اتضح لنا من خلال قيام المشرف على الرحلة بدور الدليل بلغته الركيكة ومعلوماته المبتورة وقنعنا من مشاهدة بعض العالم، فأغلب الأبواب كانت مغلقة وأكثر المكلفين بفتحها كانوا غائبين، فكانت خدعة إما لجهل الفندق الذي تولى ترتيب الرحلة وإما عملية استغلال مقصورة من المكتب السياحي بالانفاق على الفندق.
ولوم لم يكن موعد سفرنا من الغد لعدنا في يوم أخر فالمسافة بين مدريد والاسكوريال لا تزيد عن النصف ساعة، وبالإضافة إلى ما سلف فقد شاهدنا في قصر الاسكوريال أثاثاً فاخراً من القرون السابق، قد عزل بينه وبين الزوار بحواجز ومنع لمسه الجلوس عليه، وظهر التنبيه على يافطات كتيب بخطوط واضحة وبعدة لغات.
وبعد:
ودعنا إسبانيا ونحن نردد مع الشاعر أحزانه عليها كتبت لي يا غالية كتبت تسألين عن إسبانية عن طارق يفتح باسم الله دنيا ثانية عن عقبة بن نافع يزرع شتل نخله في قلب كل رابية سألت عن أمية سألت عن أميرها معاوية عن السرايا الزاهية.
تحمل من دمشق في ركبها حضارة عافية تركناها وقد بقي ت بلدان ومدن عديدة لم تزرها حل بها العرب فملأها عز وعدلاً فزهت بحلل المجد وثياب الفخار. مثل طليطلة المدنية التاريخية العريقة التي كانت عاصمة للقوط وأتخذها والي الخليفة الأموي مقرا له ، وبعد أن تولى عبدالعزيز بن نصير الأمر أنتقل إلى أشبيليه إلى أن ظهرت قرطبة فسادت حيث صارت إبان خلافة الناصر زينة ممالك الدنيا... ولم يبق سوى غرناطة التي مزقها شقاق حكامها وضعف أبي عبدالله وتقلب أهلها.
ودعنا إسبانيا ممتلئين فخراً بمآثر قومنا فيها... ومتألمين من تفرقهم الذي أفقدهم بلداً رائعا كان قد استعرب وأحب أهله الإسلام وفي الوقت نفسه مشاركين إسبانيا الحديثة معاناتها طويلاً بسبب سياستها المتعصبين الذين تسلموها من العرب، مما جعلها تبتعد عن مركز الصدارة في القارة الأوروبية والذي سوف تحتله حتما لو رعى هؤلاء المعارف العربية وحافظوا على التراث الإسلامي.
مقنطفات من مقال الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي حول موضوعات الكتاب.
كان الرئيس اليمني الراحل إبراهيم محمد الحمدي قد بعث برسالة لمجلة اليمامة أثناء نشر محتويات هذا الكتاب فيها أعرب بها فخامته رحمة الله إعجابه بأحدي الحلقات التي طالعها تحت العنوان الذي سبق ونشرت تحته هذه الصور العربية من إسبانيا التي يتضمنها الكتاب وهو الفردوس المفقود". هذا ويسرنا أن نقتطف فيما يلي بعضا مما جاء برسالة سياسته تغمده الله برحمته.
لقد وقعت بين يدي ((مجلة اليمامة) وانتهزتها لقراءتها وقد استرعى انتباهي بالأخص مقال الأخ عبدالله محمد الشهيل " الفردوس المفقود" وليس الذي بعث في الإعجاب قوة المقال ودقة التصوير الفني، والصحفي وأسلوب عرض الأحداث التاريخية لأمجادنا نحن العرب، بل وطرقة الموضوع الذي لم يسبق لي أن قرأته في صحيفة أو مجلة أخرى.
تذكرت أثناء وبعد قراءة المقال كل معلوماتي وكل ما أعرفه عن الأندلس تاريخاً ، وأبطالاً وفتحاً تذكرت موسى بن نصير وهو يضع الخطة وطارق بن زياد وهو بعد أن تسلم الخطة من قائدة، يعد العدة ويمضي في التنفيذ وعبد الرحمن الغافقي كل الأبطال من حوله بعد أن تم الفتح ونعم أبناء الأندلس بالحرية والعدل والأمن.
وتصورت عبد الرحمن بن معاوية بن هاشم بن عبدالملك، ذلك البطل الداخل الذي تعجز الأقلام عن سرد قصته إلا قلماً في سواد هوى لم يفمدس
على حد تعبير أمير الشعراء شوقي رحمه الله.
تذكرت أثناء وبعد قراءتي المقال كل شيء عن الأندلس، بل عن قصة فتح المغرب العربي أولاً بقيادة عقبة بن نافع رضي الله عنه وفتح الأندلس بعد ذلك وذكرت كيف تطورت الحضارة وأزدهرت المعرفة وكيف نبغ ابن رشد وأبن حزم وكيف تفتحت أكمام الحضارة العربية في تلك الأرض عن عباقرة وفنانين ومبدعين.
وتصورت المنصور بن أبي عامر وهو يجاهد في سبيل الله رد كيد العدو وإفشال خططه لتمزيق الصف العربي الإسلامي في تلك الأرض وغيره ممن حذو حذوه. أجل ذكرت كل شيء علن ملوك الطوائف وعن ضياع العروبة والإسلام في ذلك الصقع الذي لم يصل إليه العرب والمسلمون المؤمنون لا عادة كلمة الحق لا بتضحيات جسيمة، وكيف أمكن للملكة إيزابيلا وزوجها في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي أن تتخلص من العرب نهائياً وتتسلم الحكم في أسبانيا.
أن العبرة من هذا المقال الذي كتبه الأخ عبد الله محمد الشهيل ليست فقط في الآثار الحضارية التي خلفها العرب في أسبانيا، ولا في ما يقوله الأسبان أدلاء السياحة عن العرب إيجابا وسلبا، وإنما هي في الحقيقة في أن العرب المسلمين في الأندلس تفرقوا وتمزقوا وتآمر بعضهم على بعض واستعان البعض منهم على البعض الآخر بالعدو، فسهل بعد ذلك للعدو أن يجليهم وينهي وجودهم وحضارتهم، نفس الأسلوب الذي يتبعه اعداء العروبة والإسلام اليوم لتفريق جمع الأمة العربية وتمزيقها.
مقدم/ إبراهيم محمد الحمدي
رئيس مجلس القيادة والقائد العام
للقوات المسلحة في الجمهورية العربية اليمنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق